استثمارات التكنولوجيا في مصر ترتفع سبعة أضعاف خلال خمس سنوات: طفرة رقمية تعيد رسم مستقبل الاقتصاد – أكتوبر 2025
شهدت مصر خلال السنوات الخمس الماضية طفرة غير مسبوقة في مجال الاستثمارات التكنولوجية، حيث ارتفعت قيمة استثمارات الشركات الناشئة في القطاع الرقمي بمقدار سبعة أضعاف مقارنة بعام 2020. هذا النمو المتسارع يعكس مدى التوجه القوي نحو التحول الرقمي، ودعم الدولة المتواصل لبيئة ريادة الأعمال، إلى جانب توسع صناديق الاستثمار المحلية والإقليمية في ضخ رؤوس الأموال في مشروعات ناشئة ذات طبيعة ابتكارية.
الأرقام تتحدث
بحسب تصريحات وزير الاتصالات المصري، فإن الفترة من 2020 حتى 2025 شهدت زيادة استثنائية في حجم الاستثمارات الموجهة إلى الشركات التكنولوجية الناشئة. إذا كانت الاستثمارات قبل خمس سنوات تُقاس بعشرات الملايين من الدولارات، فإنها اليوم تُقدر بمئات الملايين، وهو ما يعكس ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في السوق المصري وقدرته على استيعاب مشاريع تقنية مبتكرة.
عوامل رئيسية وراء الطفرة
يمكن تحديد مجموعة من العوامل التي أدت إلى هذه القفزة النوعية في الاستثمارات التكنولوجية بمصر:
- التحول الرقمي: إطلاق الحكومة لبرامج “مصر الرقمية” وتبني استراتيجيات المدن الذكية.
- التشريعات: سن قوانين جديدة تدعم التجارة الإلكترونية، الدفع الإلكتروني، وإنترنت الأشياء.
- رأس المال المخاطر: دخول صناديق استثمار محلية وإقليمية ضخمة مكنت الشركات الناشئة من النمو السريع.
- التوسع الإقليمي: نجاح الشركات المصرية في اختراق أسواق الخليج وأفريقيا، مما شجع على زيادة التمويل.
قصص نجاح ملهمة
من أبرز الأمثلة على نجاح الشركات الناشئة في مصر، شركة Tagaddod المتخصصة في إعادة تدوير الزيوت وتحويلها إلى طاقة، والتي جمعت في أكتوبر 2025 جولة تمويلية من الفئة A بقيمة 26.3 مليون دولار، لتتوسع في أسواق جديدة بالمنطقة. هذه الجولة التمويلية لم تكن مجرد استثمار في شركة ناشئة، بل إشارة واضحة على أن مصر باتت بيئة جاذبة لرواد الأعمال في مجال التكنولوجيا النظيفة.
كما شهد قطاع التكنولوجيا المالية (FinTech) طفرة هائلة مع انتشار المحافظ الإلكترونية وخدمات الدفع عبر الهاتف المحمول، وهو ما فتح الباب لشركات مثل “فوري” و”خدماتي” لتوسيع قاعدة مستخدميها وتعزيز ثقة المستثمرين.
البنية التحتية الرقمية
من العوامل المهمة أيضًا تطوير البنية التحتية الرقمية في مصر، حيث توسعت شبكات الألياف الضوئية والجيل الرابع والخامس، مما أتاح بيئة مواتية لتطبيقات تعتمد على الإنترنت بشكل مكثف. كذلك ساهمت مشروعات مراكز البيانات الضخمة في ضمان تخزين ومعالجة آمنة للبيانات، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين في قدرة السوق على استيعاب تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.
دور الدولة والمؤسسات
الحكومة المصرية لعبت دورًا حيويًا في هذه النقلة النوعية من خلال:
- إطلاق مبادرات تدريبية لإعداد الكفاءات الرقمية.
- تقديم حوافز ضريبية للشركات الناشئة.
- تسهيل إجراءات تسجيل الشركات الجديدة.
- إشراك الجامعات ومراكز البحث في دعم الابتكار وريادة الأعمال.
التكنولوجيا والاقتصاد
النمو الكبير في قطاع التكنولوجيا لم يعد مجرد نشاط اقتصادي فرعي، بل أصبح ركيزة أساسية في الاقتصاد المصري. فالمشروعات الناشئة خلقت آلاف الوظائف الجديدة للشباب، وفتحت المجال لتصدير حلول وخدمات رقمية إلى الخارج، مما يساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل القومي.
التحديات القائمة
رغم هذه النجاحات، ما زالت هناك بعض التحديات التي يجب التعامل معها:
- الحاجة إلى مزيد من التشريعات لحماية الملكية الفكرية.
- توسيع نطاق التمويل للشركات في المراحل المبكرة.
- معالجة فجوة المهارات الرقمية لدى بعض الكوادر.
- التصدي لمحاولات القرصنة والهجمات السيبرانية.
المستقبل الرقمي لمصر
يتوقع خبراء التكنولوجيا أن تستمر الاستثمارات في النمو بمعدلات سريعة خلال السنوات القادمة، خاصة مع توجه مصر لتطبيق استراتيجيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في قطاعات حيوية مثل النقل، الطاقة، والصحة. كما أن دخول شركات عالمية إلى السوق المصري عبر شراكات أو استثمارات مباشرة سيزيد من تنافسية القطاع ويعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للتكنولوجيا.
تجربة مصر في السنوات الخمس الماضية تقدم درسًا مهمًا مفاده أن الاستثمار في البنية الرقمية والابتكار يمكن أن يغير وجه الاقتصاد في فترة زمنية قصيرة، وأن بيئة داعمة وحاضنة للشركات الناشئة قادرة على خلق قصص نجاح تضع الدولة في موقع الريادة على المستويين الإقليمي والدولي.
خاتمة
الارتفاع السباعي في الاستثمارات التكنولوجية بمصر بين 2020 و2025 لم يكن صدفة، بل نتيجة لرؤية واضحة وخطط محكمة دعمتها الدولة والقطاع الخاص على حد سواء. ومع استمرار هذا الزخم، يبدو المستقبل الرقمي لمصر واعدًا، حيث ستظل التكنولوجيا محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.