الصين تكشف عن “مفتاح إيقاف” للإنترنت تحت الماء: كيف يمكن لهذه التقنية أن تقطع الاتصال العالمي
اتخذت الصين خطوة جريئة في هندسة أعماق البحار، كاشفةً عن جهاز قادر على اختراق أقوى الكابلات البحرية في العالم على أعماق غير مسبوقة. طوّر هذا الجهاز مركز أبحاث علوم السفن الصيني (CSSRC) والمختبر الوطني الرئيسي للمركبات المأهولة في أعماق البحار، وهو يتكامل بسلاسة مع الغواصات الصينية المتطورة، بما في ذلك سلسلة فيندوزهي (ستريفر) وسلسلة هايدو.
للعمل في الظروف القاسية، يُغلَّف القاطع بغلاف من سبائك التيتانيوم مزود بأختام مُعَوَّضة للزيت، مما يمنع انفجاره تحت ضغط السحق الموجود على عمق 4000 متر. يعمل الجهاز بأذرع آلية في ظل رؤية شبه معدومة، ويعتمد على أنظمة تحديد مواقع متطورة لضمان الدقة.
التداعيات العسكرية المحتملة
على الرغم من الترويج الرسمي له كأداة لعمليات التعدين والإنقاذ في قاع البحر، إلا أن استخدامه المزدوج أثار مخاوف في الأوساط الأمنية.
غوام، نقطة التقاء رئيسية في الشبكة العسكرية الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، تستضيف أكثر من اثني عشر كابلًا للألياف الضوئية تخدم جهات عسكرية ومدنية، بما في ذلك جوجل. في حال قطع هذه الكابلات خلال أزمة جيوسياسية، فقد يؤدي ذلك إلى شلل الاتصالات وتعطيل الأنظمة المالية العالمية.
وحذر العقيد المتقاعد في القوات الجوية الأميركية ريموند باول، مؤسس مشروع الشفافية البحرية “سيلايت” في جامعة ستانفورد، من أن “الصين تواصل توسيع مجموعة أدواتها الضخمة بالفعل في المنطقة الرمادية، بعد أن حسبت منذ فترة طويلة أن استعدادها لطمس الخطوط الفاصلة بين السلام والأعمال العدائية يمنحها ميزة غير متكافئة”.
وأضاف: “إن تخريب الكابلات وخطوط الأنابيب ليس مجرد مضايقة. إنه تذكير بأن بكين لديها القدرة على إلحاق ضرر أكبر بكثير بأعدائها، إذا ما اختارت ذلك”.
نمط أوسع للتوسع في أعماق البحار
يتجلى بوضوح التوسع السريع للصين في قدراتها في أعماق البحار. فهي تُشغّل الآن أكبر أسطول في العالم من الغواصات المأهولة وغير المأهولة. في الشهر الماضي فقط، بدأت الصين بناء “محطة فضائية” تحت الماء على عمق 2000 متر تحت بحر الصين الجنوبي، مصممة لإيواء ستة أشخاص في مهمات تستغرق شهرًا.
في غضون ذلك، تُكافح الولايات المتحدة واليابان لمواكبة هذا التطور. فالأسطول الأمريكي لغواصات أعماق البحار يتقادم، والغواصة اليابانية الوحيدة المأهولة.
تزايد التهديدات الأمنية تحت الماء
يأتي إطلاق قاطع الكابلات هذا في وقت تواجه فيه البنية التحتية البحرية تهديدات متزايدة. منذ عام ٢٠٢٣، سُجِّلت ١١ حادثة تلف كابلات تحت الماء في بحر البلطيق، مما أثار شكوكًا حول أعمال تخريب. في تايوان، تصاعدت الشكوك حول التدخل الصيني، حيث احتجزت السلطات سفينة الشحن هونغ تاي ٥٨، التي يديرها طاقم صيني، بعد ربطها بكابلات اتصالات مقطوعة.
أبلغ المسؤولون التايوانيون عن خمس حوادث من هذا القبيل في عام 2025 وحده، مقارنةً بثلاث حوادث في عامي 2023 و2024. ومع تصاعد التوترات في مضيق تايوان، يُشكل احتمال حدوث اضطرابات تحت الماء مصدر قلق متزايد.
مبررات بكين
يصرّ فريق البحث التابع لهو على أن قاطع الكابلات مُصمّم لتنمية الموارد البحرية، وليس للحرب. وفي ورقتهم البحثية المنشورة، ذكروا: “أصبحت الدول مُضطرة الآن إلى إعادة توجيه تركيزها على استغلال مواردها نحو البحار. القرن الحادي والعشرون هو قرن المحيطات. ويُشكّل تعزيز قدرات تنمية الموارد البحرية، والنهوض بالاقتصاد الأزرق، وبناء الصين كقوة بحرية عظمى، عناصر أساسية لتحقيق الحلم الصيني.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل التداعيات الاستراتيجية.
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
طموحات الصين في أعماق البحار واضحة. بفضل غواصاتها المتطورة، وأسطولها المتنامي، وجهازها الجديد لقطع الكابلات، تُرسّخ بكين مكانتها كقوة مهيمنة في العمليات البحرية. وسواءً كان ذلك لتحقيق مكاسب اقتصادية أو لتحقيق نفوذ استراتيجي، فقد أحدث هذا الابتكار الأخير صدمةً في دوائر الأمن العالمية.
والسؤال الحقيقي الآن هو: كيف ستستجيب الدول الأخرى؟